قبر مريم بالقدس

خريطة القدس
قبر مريم، المعروف أيضًا باسم كنيسة دومينوس فليفيت، هو موقع حج مسيحي هام يقع في وادي قدرون عند سفح جبل الزيتون في القدس، إسرائيل. ويُبجَّل هذا الموقع العريق باعتباره مدفن العذراء مريم، والدة يسوع المسيح، وقد استقطب الحجاج على مر القرون، إذ يمتزج تاريخه باللاهوت المسيحي، والتطور المعماري، والجاذبية الروحية للأرض المقدسة.

تعود أصول قبر مريم إلى التقاليد المسيحية المبكرة، حيث وردت إشارات إلى الموقع في نصوص غير موثوقة مثل "ترانزيتوس ماريا" (القرنين الثاني والرابع الميلاديين). ووفقًا لهذه الروايات، وللمعتقدات المسيحية الأرثوذكسية اللاحقة، توفيت مريم (أو "نامت" في رقاد السيدة العذراء مريم) في القدس، ووُضع جسدها في قبر بوادي قدرون قبل صعودها إلى السماء. وبينما لم يذكر العهد الجديد شيئًا عن وفاة مريم، فمن المرجح أن تبجيل الموقع بدأ في القرن الرابع الميلادي، بعد تشريع المسيحية في عهد الإمبراطور قسطنطين. وقد وصف الحجاج الأوائل، مثل إيجيريا (حوالي 2-4 ميلاديًا)، زيارتهم لكنيسة في الوادي مُخصصة لمريم، مما يُشير إلى تأسيسها المبكر كموقع مقدس.

يعود تاريخ البناء الحالي لقبر مريم إلى العصر البيزنطي (القرنين الخامس والسادس)، مع أنه عُدِّل في عهد الصليبيين ولاحقًا في عهد المسلمين. القبر نفسه عبارة عن غرفة منحوتة في الصخر، يمكن الوصول إليها عبر درج واسع ينزل إلى كنيسة كهفية خافتة الإضاءة. تعكس الواجهة، التي بناها الصليبيون في القرن الثاني عشر، مزيجًا من الطرازين البيزنطي والروماني، بقبة صغيرة ونقوش مزخرفة. أما القبر في الداخل، فهو مقعد حجري بسيط، محاط بضريح رخامي، تحيط به أيقونات ومصابيح تحتفظ بها الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية والكنيسة الرسولية الأرمنية، اللتان تتشاركان في رعايته بموجب اتفاقية وضع راهن دقيقة.

كموقع حج، يتمتع قبر مريم بأهمية بالغة، لا سيما لدى المسيحيين الأرثوذكس الشرقيين والكاثوليك. فهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بكنيسة دومينوس فليفيت المجاورة وبستان جثسيماني، مما يشكل جزءًا من رحلة مقدسة للحجاج الذين يزورون الأماكن المقدسة في القدس. يجذب عيدا رقاد السيدة العذراء (15 أغسطس) وصعود السيدة العذراء مريم بالآلاف، الذين يشاركون في المواكب والطقوس الدينية والصلوات، تكريمًا لحياة مريم وصعودها إلى السماء. كما أن قرب الموقع من مواقع توراتية أخرى، مثل كنيسة جميع الأمم، يعزز جاذبيته، إذ يوفر للحجاج صلة ملموسة بأحداث آلام يسوع ودور مريم الأمومي.

على مر التاريخ، خضع قبر مريم لدمارٍ وترميم. نجا من الفتوحات الفارسية (614 م) والإسلامية، وأُعيد بناء الكنيسة بعد جهود الصليبيين في القرن الحادي عشر. حافظ الحكم العثماني (من القرنين السادس عشر إلى العشرين) على مكانته كمزار مسيحي، على الرغم من أن التوترات بين الطوائف المسيحية كانت تشتعل أحيانًا حول حقوق الحراسة. واليوم، لا يزال الموقع مكانًا للخشوع والهدوء، حيث يوفر داخله البارد والمليء بالبخور للحجاج مساحةً للتأمل وسط صخب مدينة القدس المقدسة.

تكمن جاذبية قبر مريم الدائمة في ثقله اللاهوتي وأجوائه الهادئة. فبموقعه على خلفية تاريخية لجبل الزيتون، لا يزال يجذب الحجاج الباحثين عن قرب روحي من مريم، مجسدًا قرونًا من التفاني في إحدى أقدس مدن المسيحية.
أيقونة قبر مريم المقدسة
قبر مريم رمز مقدس بالتفصيل
Martin Gray

Martin Gray عالم أنثروبولوجيا ثقافي وكاتب ومصور متخصص في دراسة تقاليد الحج والمواقع المقدسة حول العالم. خلال فترة 40 عامًا ، قام بزيارة أكثر من 2000 مكان حج في 160 دولة. ال دليل حج العالم في sacredsites.com هو المصدر الأكثر شمولاً للمعلومات حول هذا الموضوع.